خلق الله للإنسان حواساً تساعده على معرفة الحقائق التي تدور من حوله وبالتالي تساعده أيضاً على اتخاذ القرارت وخصوصاً في المواقف المفصلية من حياته. إن المواقف الحياتية التي تعترض الإنسان عبر مسيرة حياته الطويلة تجعله محتاجاً إلى معلومات دقيقة تمكن عقله وجوارحه من اتخاذ القرارات المناسبة والصحيحة حتى تستمر حياته سلسة هانئة، ولهذا السبب ولغيرها من الأسباب تساعد الحواس الإنسان على الحصول على المعلومات الصحيحة غير المغلوطة. وهذه الحواس هي حاسة الإبصار عن طريق العين، والسمع عن طريق الأذن والشم عن طريق الأنف واللمس عن طريق الأطراف وتحديداً اليد، والتذوق عن طريق اللسان، هذه الحواس هي وحدات الإدخال التي يستخدمها الإنسان في الحصول على معلوماته المختلفة والتي تكون بكميات هائلة خلال أيام حياته.
ومن هنا فإن أي تشوه يحدث في إحدى هذه الحواس الخمسة سيؤدي قطعاً إلى استقاء المعلومات الخاطئة والمغلوطة، مما سيؤدي إلى تشوه كبير في نوعية القرارت المتخذة عن طريق العقل، هذا التشوه الذي يحصل للحواس وللقدرة على الإدراك الصحيح للحقائق من حولنا يسمى الوهم، وهو يحدث نتيجة اضطرابات نفسية معينة، تعيق عمل الحواس الخمسة بشكل جيد، فيصبح الشخص يتخيل أشياء ليست موجودة على أرض الواقع، فيرى ما ليس موجوداً ويسمع أصوات لم يسمعها أحد غيره، كما أنه يشم الروائح الغريبة، ويتغير إحساسه بالأشياء والأطعمة المختلفة، كل هذه التشوهات من شأنها أن تحدث فرقاً كبيراً في حياة الإنسان ومن شأنها أيضاً أن تتعب حياته على نحو غير مسبوق نهائياً.
يتعدى الوهم هذا المفهوم إلى مفهوم أوسع، وهو المفهوم الذي قد يدخل في مجال الشك، وخصوصاً على مستوى العلاقات الإجتماعية، فالشك أو الوهم قدي يحدثان اضطرابات جسيمة في متانة وقوة هذه العلاقات، وذلك بسبب تخيل الإنسان لأحداث ومواقف لم تحدث فعلاً مما يصعب عليه حياته وينغصها، فهي بهذا قد تجاوزت الحدود الطبيعية المألوفة فكل بنو البشر معرضون للوهم والشك وتسرب المعلومات الخاطئة ولكن المتوهم أو الشكاك هو من يعاني من مرض مزمن نفسي نتيجة ظروف معينة مر بها، فبالتالي يصعب عليه تصديق أي شئ بسهولة، وبهذا يصعب حياته بشكل كبير ويصعب حياة من حوله أيضاً، لهذا يتوجب على من حوله مساعدته على التخلص من هذا المرض عن طريق عرضه على مختص نفسياً وأخذا الإستشارة منه ولكن بحذر فلا يجوز أن يشعر أن من حوله يعتبرونه مريضاً نفسياً، لأن هذا سيزيد الطين بلة ويجعل الحالة متفاقمة مستعصية.
كما أن لزيادة الثقة بالنفس أثر كبير في عملية تطوير النفس الإنسانية، و تطوير النفس الإنسانية يشمل إزالة الأوهام منها، و الثقة بالنفس لا تعلم فقط على إزالة الأوهام بل تعمل أيضاً وبشكل كبير جداً على تحسين أداء الإنسان في أدائه لأعماله، كما أنها تعمل على تطوير شخصية الإنسان وتمكينه من القيام بالعديد من الأمور الأخرى غير الأعمال التي توكل إليه مثل تحسن علاقاته الاجتماعية.
إضافة إلى ما سبق فإن لإعطاء الأمور أحجامها الطبيعية أثر كبير جداً في إزالة الأوهام من الناس ومن نفوسهم، كما ان الاسترسال في التفكير في أمر معين يسبب الوهم لهذا توجب على الإنسان أن لا يسمح لتفكيره أن ينطلق في فضاءات أوسع قد تجلب له المشاكل والمنغصات كما ويتوجب أن يعمل بكل جهده على أن يقلل من كل ما يجهد تفكيره ويذهب طاقته الذهنية والجسدية بلا جدوى وأن يوفر طاقته هذه فيما هو نافع وفيما هو مفيد له ولغيره من الناس. وإن كانت الأوهام قد تعدت الحد الطبيعي المعتاد لدى كل الناس فمن المفروض ان يراجع هذا الشخص الأخصائي النفسي حتى يشخص حالته ويصف له ما يعالجه به وما يفيده.
0 التعليقات:
إرسال تعليق